السؤال:
تحية طيبة من القلب إلى موقعكم الطيب وندعو من الله أن يحفظكم ويرعاكم ويجعلكم ذخرًا للمسلمين وبعد:
لي صديق عزيز جدا كأخ لي وأكثر من الأخ وذو أخلاق جيدة ويخاف الله وملتزم بالدين وأصبح كل واحد منا يعرف أسرار الآخر من أمور ومواضيع ومشاكل وهموم وتفكير وأشياء أخرى واعلم انه لا يقدر احد منا أن يفارق الآخر ولو للحظات بمعنى الكلمة فدار بيني وبين صديقي نقاش بخصوص الزواج فقال لي صديقي: متى تتزوج فقلت له لا اخطب ولا أتزوج إلا سوية فقال لي لماذا فقلت له كي لا نفترق إذا تزوجت قبلك وسوف نفترق، ومقصد الكلام إذا تزوجت قبله سوف يقل اللقاء بيننا وأنا لا أريد هذا الشيء فهل هذا التفكير صحيح أم لا؟
أرجو الرد بأسرع وقت وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب:
الأخ السائل أشكر فيك حسن اختيارك لصاحبك واتصافه بالديانة والأمانة، كما أشكر لكما اجتماعكما على الخير والطاعة، وبعدكما عن السوء بمعانيه إلا أن لي مع سؤالك وقفات مختصرة:
أولا: الصداقة الحقة لا تفنى بالبعد ولا تقل بالانشغال، كما أنها لا تزيد بالعطاء ولا تتأثر بالمنع.
الصداقة أيها الكريم علاقة من أرقى العلاقات البشرية الإنسانية، تعتمد على التفاهم والتعاون والدعم النفسي والمواقف الجادة والنصرة والمحبة في الله.
ولئن رزق عبد صديقًا يتصف بتلك الصفات فقد رزق من خير الدنيا، ولسوف يجمعه الله في الآخرة جمع خير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: «ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه»، وفي القرآن قوله تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.
ثانيًا: لا ينبغي أن يكون تفكيرك في الصداقة أو تطبيقك لها تطبيقًا ناقصًا أو مخلًّا بمعانيها فالذي ذكرته من كيفية الارتباط أمر لا أحمده إذ المرء ينبغي عليه أن يستقل بذاته وبشخصيته ويتفرد بسلوكه ويقيم قوامه منفردًا معتمدًا على ربه في كل سلوك يسلكه، وأن يأخذ من الصداقة ثوابها ونفعها العملي من التعاون على الخير والتذكير بالعلم والإيمان.
أما إذا تحولت الصداقة إلى ارتباط والتصاق كما وصفت فأحسب أن أثرها سيصير إلى ضر لا إلى نفع.
ثالثًا: الزواج أمر مشروع في دين الله وما ذكرته عن أسباب التأخير له غير مقنع للراشدين من الناس، وقد يؤوله بعضهم ويفسره تفسيرًا آخر.
ورباط الزواج رباط حميم وميثاق غليظ، يجب أن يسعى المرء للاهتمام به وبناء أسرة مسلمة تعبد الله وتصلح في الأرض.
رابعًا: يجب ألا يوافقك صاحبك- الذي تصفه بأوصاف الخير- على هذا النوع من الارتباط السلبي بينكما، بل يجب أن يأمرك بالإيجابية وإثبات الذات وأن تكون صداقتكما نفع في الدنيا والآخرة، فإن خالف ذلك فعنده خلل يجب تعديله.
وأخيرًا أنصحك أن تسارع في الزواج إن كنت قادرًا عليه أو أن تستعد له، كما أنصحك بزيادة الإيضاح حول ما ذكرت عن طريق سؤال العلماء والدعاة مباشرة وفي وجود صاحبك وفقكما الله إلى سواء السبيل.
الكاتب: خالد رُوشه.
المصدر: موقع المسلم.